الآثار السلبية للتغيرات المناخية على الزراعة في العالم العربي

0
17

كتب – عبد العزيز اغراز

تواصل التغيرات المناخية التأثير بشكل كبير على حياة الانسان المعاصر، اقتصاديا واجتماعيا،  خاصة في العالم العربي. ونال المجال الفلاحي نصيبا مهما من هذه التقلبات المناخية، حيث يلعب هذا القطاع دورًا حيويًا في تأمين الغذاء وتعزيز الاقتصادات الوطنية.

وتشكِّل اليابسة حوالي %30 من سطح الكرة الأرضية. ويُقدر أن %62 منها غير مناسب للزراعة بسبب التضاريس المناخية، أو بُعدها عن مصادر المياه، أو بسبب التنمية الحضرية التي تحتل %30 منها والباقي، أي %32 مغطى بالغابات. فيبقى %38 من اليابسة فقط صالحاً للزراعة.

يعد  توالي سنوات الجفاف تحديا كبيرا أمام القطاع الزراعي، الذي يجد حاليا صعوبة بالغة في توفير الحاجيات الغذائية لسكان الدول العربية، حيث انخفضت محاصيل الأساسية مثل القمح والشعير. بالإضافة إلى ذلك، تسهم ظاهرة التصحر في تقليص المساحات الزراعية، مما يقلل من قدرة الفلاحين على زراعة المحاصيل وتربية الماشية. فيتم اللجوء إلى اقتطاع مساحات من الغابات لزراعتها، مما يفاقم سلبيات التغيُّر المناخي. إزاء هذا المأزق الخطير، كان لا بد للعلماء من التفكير في مستقبل الزراعة، والسعي جدياً في تكييفها مع التغيرات المناخية المرتقبة

كما أن استفحال ظاهرة ندرة المياه ينعكس سلبا على الزراعة، حيث تعتمد العديد من الدول العربية على الري من مصادر مياه جوفية. هذا النقص الحاد في المياه قد يؤدي إلى انخفاض المحاصيل، وزيادة التكاليف المرتبطة بالري، مما يضعف من قدرة الفلاحين على المنافسة في الأسواق العالمية.

الجفاف هو تبخر المياه من المسطحات المائية والتربة والنباتات، وانتشار بخارها في الغلاف الجوي للأرض. وهذا جانب سلبي للغاية؛ لأنه يحرمنا من المياه العذبة ويحوِّلها إلى غازات الدفيئة التي تزيد من الاحتباس الحراري. إلا أن بعض العلماء المبتكرين وجدوا فيه جانباً إيجابياً، باعتباره إعادة توزيعٍ للموارد المائية على وسع الكرة الأرضية، فتصبح متاحة فوق أي بقعة من الأرض. وإذا تمكَّنا من ابتكار عملية استرجاعية عكسية، نستطيع عندئذ التوسع بالأراضي الزراعية، والحفاظ على الغابات، والحدِّ من الاحتباس الحراري.

بناءً على هذا المفهوم، جرى في السنوات القليلة الماضية ما يشبه السباق بين جامعات ومراكز علمية لا تُحصى حول العالم لابتكار تقنيات حصاد الماء من الهواء. وتكثفت الأبحاث والابتكارات إلى درجة أن ظهرت في السوق أكثر من 70 شركة ناشئة، سرعان ما وجدت أن تقنياتها قد أصبحت قديمة في وقت قياسي، إذ حلَّت مكان أجهزتها، في المدة الأخيرة، مواد ذكية خفيفة جداً تقوم بوظائفها بالكامل. وأحدث هذه الابتكارات النوعية، تربة تروي نفسها بامتصاص الرطوبة من الهواء

حلول ومبادرات

ولمواجهة هذه التحديات، يتعين على الدول العربية اتخاذ إجراءات جادة لتعزيز الزراعة المستدامة. يتطلب الأمر استثمارات في التقنيات الزراعية الحديثة التي تساهم في تحسين كفاءة استخدام المياه وزيادة إنتاجية المحاصيل. كما ينبغي تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التغيرات المناخية عبر تبادل الخبرات والمعرفة بين الدول.

ولا تقتصر الآثار السلبية للتغيرات المناخية على الإنتاج الزراعي فقط، بل تشمل أيضًا التهديدات التي تواجه الأمن الغذائي في المنطقة. فقد يؤدي نقص الإنتاج الزراعي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما يزيد من معاناة السكان ويعمق من أزمات الفقر والجوع في بعض المناطق.

وعلى جانبٍ آخر، هناك جهود بحثية لتهجين محاصيل كي تصبح مقاومة للحرارة، واستغلال أنواع من بكتيريا جذور الأشجار التي تُمَكِّن النباتات من النمو في الأراضي القاحلة، فلربما يعزِّز هذا نمطاً جديداً من الزراعة.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici